1/08/2014 03:18:00 م

مع التحية إلى كل من يظن أنه باراً بوالديه

على لسان دكتورة ... تقول :
دخلت علي في العيادة امرأة في 
الستينات بصحبة ابنها الثلاثيني ! ..
لاحظت حرصه الزائد عليها ، يمسك يدها ويصلح لها عباءتها ويمد لها الأكل والماء ..
بعد سؤالي عن المشكلة الصحية وطلب الفحوصات سألته عن حالتها العقلية لأنّ تصرفاتها لم تكن موزونة ولا ردودها على أسئلتي
فـقال :
إنها مسكينة عندها.......... منذ الولادة
تملكني الفضول فـسألته :
فـمن يرعاها ؟
قال : أنا
قلت :
والنعم !ولكن من يهتم بنظافة ملابسها وبدنها ؟..
قال :
أنا أدخلها الحمّام وأحضر ملابسها
وانتظرها إلى أن تنتهي
وأصفف ملابسها في الدولاب
و أضع المتسخ في الغسيل وأشتري لها الناقص من الملابس !
قلت :
ولماذا لا تحضر لها خادمة ؟!
قال :
لأن أمي مسكينة مثل الطفل لا تشتكي وأخاف أن تؤذيها الشغالة
اندهشت من كلامه ومقدار برّه
وقلت :
هل أنت متزوج ؟
قال :
نعم الحمد لله ولدي أطفال
قلت :
إذن زوجتك ترعى أمك ؟
قال :
هي ما تقصر وهي تطهو الطعام وتقدمه لها
وقد أحضرت لزوجتي خادمه حتى تعينها ولكن أنا أحرص أن آكل معها حتى أطمئن عشان السكر!
زاد إعجابي ومسكت دمعتي ! اختلست نظرة إلى أظافرها فرأيتها قصيرة ونظيفة
قلت : أظافـرها من يقصصها ؟
قال :أنا يا دكتورة هي مسكينة !
نظرت الأم لـولدها وقالت :
 متى تشتري لي بطاطس ؟! قال :
أبشري الحين اوديك البقالة !
طارت الأم من الفرح وقالت:
ألحين .. ألحين ! التفت الابن وقال : والله إني أفرح لفرحتها أكثر من فرحتي بفرح عيالي الصغار.." سويت نفسي أكتب في الملف حتى ما يبين أنـّي متأثرة " !وسألت : ما عـندها غيرك ؟
قال :
أنا وحيدها لأن الوالد طلقها بعد شهر من زواجه منها
قلت :
أجل ربـّاك أبوك ؟ ..
قال :
لا جدتي كانت ترعاني وترعاها وتوفت الله يرحمها وعمري عشر سنوات !
قلت :
هل رعتك أمك في مرضك أو تذكر أنها اهتمت فيك ؟
أو فرحت لفرحك أو حزنت لحزنك ؟
قال: يا دكتورة..
أمي مسكينة من عمري عشر سنين وأنا شايل همها وأخاف عليها وأرعاها ..
كتبت الوصفة وشرحت له الدواء ..
مسك يد أمـّه , وقال : يا الله الحين البقالة ... قالت : لا نروح مكـّة !
.. استغربت ! قلت :
لها ليه تبين مكة ؟
قالت :
 بركب الطيارة !
قلت له : بي توديها لـ مكّة ؟
قال : إيــه..
قلت :
هي ما عليها حرج لو لم تعـتمر ، ليه توديها وتضيّق على نفسك ؟
قال :
يمكن الفرحة اللي تفرحها إلى وديتها..
أكثر أجر عند رب العالمين من عمرتي بدونها ..
خرجوا من العيادة وأقفلت بابها وقلت للممرضة :
أحتاج للرّاحة
بكيت من كل قلبي ..
 وقلت في نفسي:
هذا وهي لم تكن له أماً ..فقط حملت وولدت
لم تربي ، لم تسهر الليالي ، ولم تُدرسه ، ولم تتألم لألمه
 لم تبكي لبكائه ، لم يجافيها النوم خوفا عليه
 لم.. ولم.. ! ومع كل ذلك ..
كل هذا البر...!
فـ"هل سنفعل بأمهاتنا الأصحاء..
مثلما فعل بأمه الـــ...... ؟!
اللهم تقبل منا اليسير ولا تؤاخذنا على التقصير
اللهم ارحم والدينا واغفر لهم وارض عنهم رضا تحل به عليهم جوامع رضوانك، وتحلهم به دار كرامتك وأمانك ومواطن عفوك وغفرانك، وأدر به عليهم لطائف برك وإحسانك، اللهم اغفر لهم مغفرة جامعة تمحو بها سالف أوزارهم، وسيء إصرارهم، وجازهم عن ذلك الجهاد الذي كانوا فينا مجاهدين، ولا تضيع لهم ذلك الاجتهاد الذي كانوا فينا مجتهدين، وجازهم على ذلك السعي الذي كانوا فينا ساعين، أفضل ما جزيت به السعاة المصلحين والرعاة الناصحين

 اللهم ما تلونا من تلاوة فزكيتها، وما صلينا من صلاة فتقبلتها، وما تصدقنا من صدقة فنميتها، وما من أعمال فرضيتها، فنسألك اللهم أن تجعل حظهم منها أكبر من حظوظنا، وقسمهم منها أجزل من أقسامنا.فانك وصيتنا ببرهم وندبتنا إلى شكرهم، وأنت أولى بالبر من البارين، وأحق بالوصل من المأمورين. 

اللهم اجعلنا لهم قرة أعين يوم يقوم الأشهاد، وأسمعهم منا أطيب النداء يوم التناد، واجعلهم بنا من أغبط الآباء بالأولاد، حتى تجمعنا وإياهم والمسلمين جميعا في دار كرامتك ومستقر رحمتك مع الذين أنعمت عليهم من
النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ..
.
 غفر الله لي ولك ولوالدينا 
ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات الذين شهدوا لله بالوحدانية ولنبيه بالرسالة ولصحابته بالعدالة وللخلفاء الراشدين بحق الخلاقة وماتوا على ذلك 


  
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق